الحالات الصحية المرتبطة بنمط الحياةحالات صحية

السمنة والنحافة

وجهان لخلل في التوازن الصحي

تُعتبر السمنة والنحافة حالتين صحيتين متطرفتين تمثلان خللاً في التوازن الطبيعي لوزن الجسم. فبينما تعكس السمنة تراكمًا مفرطًا للدهون يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة، تشير النحافة إلى نقص حاد في وزن الجسم يمكن أن يعيق وظائف الجسم الحيوية. فهم كلا الحالتين وأسبابهما وتأثيراتهما وطرق التعامل معهما أمر بالغ الأهمية لتعزيز الصحة العامة.

أولاً: السمنة – تراكم مفرط يهدد الصحة

تُعرّف السمنة بأنها حالة تتراكم فيها الدهون في الجسم بكميات تتجاوز الحد الطبيعي، مما قد يؤدي إلى تدهور الصحة. يتم قياس السمنة عادةً باستخدام مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو مقياس يقارن الوزن بالطول. يعتبر الشخص بالغًا مصابًا بالسمنة إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديه 30 أو أكثر.

أسباب السمنة:

تتعدد العوامل التي تساهم في تطور السمنة، وغالبًا ما تكون مزيجًا من:

  • العوامل الغذائية: استهلاك كميات كبيرة من الأطعمة المصنعة عالية السعرات الحرارية والدهون والسكريات، وقلة تناول الفواكه والخضروات والألياف.
  • قلة النشاط البدني: نمط الحياة الخامل وعدم ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يؤدي إلى حرق سعرات حرارية أقل وتراكم الدهون.
  • العوامل الوراثية: تلعب الجينات دورًا في تحديد استعداد الشخص للسمنة وتوزيع الدهون في الجسم.
  • العوامل البيئية والاجتماعية: البيئة المحيطة التي توفر سهولة الوصول إلى الأطعمة غير الصحية وتشجع على الخمول، بالإضافة إلى العادات الغذائية والثقافية.
  • الحالات الطبية والأدوية: بعض الحالات الطبية مثل قصور الغدة الدرقية ومتلازمة كوشينغ، وبعض الأدوية مثل الكورتيكوستيرويدات ومضادات الاكتئاب، يمكن أن تساهم في زيادة الوزن.
  • العوامل النفسية: التوتر والقلق والاكتئاب قد يدفع البعض إلى الإفراط في تناول الطعام كآلية للتكيف.

مضاعفات السمنة:

تحمل السمنة العديد من المخاطر الصحية الجسيمة، بما في ذلك:

  • أمراض القلب والأوعية الدموية: ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، تصلب الشرايين، والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.
  • داء السكري من النوع الثاني: مقاومة الأنسولين وعدم قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم.
  • بعض أنواع السرطان: مثل سرطان الثدي والقولون والرحم والبروستاتا والكلى.
  • مشاكل الجهاز التنفسي: انقطاع التنفس أثناء النوم، والربو.
  • مشاكل الجهاز الهضمي: ارتجاع المريء، وحصى المرارة، وتليف الكبد الدهني غير الكحولي.
  • مشاكل العظام والمفاصل: التهاب المفاصل وهشاشة العظام.
  • مشاكل الصحة النفسية: الاكتئاب والقلق وتدني احترام الذات.
  • صعوبة الحمل ومضاعفاته.

التعامل مع السمنة:

يتطلب علاج السمنة اتباع نهج شامل يتضمن تغييرات في نمط الحياة:

  • النظام الغذائي الصحي: التركيز على الأطعمة الكاملة غير المصنعة، الغنية بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات الخالية من الدهون، وتقليل تناول الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية والدهون المشبعة والمتحولة والسكريات المضافة.
  • النشاط البدني المنتظم: ممارسة التمارين الرياضية الهوائية وتمارين القوة بانتظام لمدة لا تقل عن 150 دقيقة من التمارين المعتدلة الشدة أو 75 دقيقة من التمارين عالية الشدة أسبوعيًا.
  • تغييرات السلوك: تحديد محفزات الأكل العاطفي وتطوير استراتيجيات صحية للتعامل مع التوتر، وتناول الطعام بوعي وببطء.
  • الأدوية: في بعض الحالات، قد يصف الطبيب أدوية للمساعدة في إنقاص الوزن، خاصة للأشخاص الذين يعانون من سمنة مفرطة ومشاكل صحية مرتبطة بها.
  • الجراحة: في حالات السمنة المفرطة الشديدة التي لم تستجب للعلاجات الأخرى، قد تكون جراحة إنقاص الوزن خيارًا.

ثانياً: النحافة – نقص حاد يضعف الجسم

تُعرّف النحافة بأنها حالة يكون فيها وزن الجسم أقل بكثير من المعدل الطبيعي بالنسبة للطول والعمر والجنس. يعتبر الشخص بالغًا نحيفًا إذا كان مؤشر كتلة الجسم لديه أقل من 18.5.

أسباب النحافة:

يمكن أن تنجم النحافة عن مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك:

  • نقص السعرات الحرارية: عدم تناول كمية كافية من الطعام لتلبية احتياجات الجسم من الطاقة.
  • سوء التغذية: عدم الحصول على العناصر الغذائية الأساسية بكميات كافية، حتى لو كان استهلاك السعرات الحرارية كافيًا.
  • الحالات الطبية: بعض الأمراض مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، ومرض كرون، والتهاب القولون التقرحي، والسرطان، والعدوى المزمنة يمكن أن تؤدي إلى فقدان الوزن.
  • الاضطرابات النفسية: مثل فقدان الشهية العصبي والشره المرضي العصبي.
  • مشاكل في الامتصاص: بعض الحالات الطبية يمكن أن تعيق قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية من الطعام.
  • العوامل الوراثية: قد يكون لدى بعض الأشخاص استعداد وراثي ليكونوا نحيفين.
  • زيادة النشاط البدني المفرط: حرق سعرات حرارية أكثر بكثير مما يتم استهلاكه.
  • العوامل الاجتماعية والاقتصادية: الفقر وعدم القدرة على الحصول على غذاء كاف.

مضاعفات النحافة:

يمكن أن تؤدي النحافة إلى العديد من المشاكل الصحية، بما في ذلك:

  • ضعف الجهاز المناعي: زيادة خطر الإصابة بالعدوى والأمراض.
  • فقر الدم: نقص الحديد والفيتامينات الأساسية.
  • هشاشة العظام: نقص الكالسيوم وفيتامين د.
  • مشاكل في النمو والتطور: خاصة لدى الأطفال والمراهقين.
  • مشاكل في الخصوبة: لدى النساء والرجال.
  • التعب والإرهاق المزمن.
  • صعوبة التركيز.
  • انخفاض درجة حرارة الجسم.
  • عدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء.

التعامل مع النحافة:

يركز علاج النحافة على زيادة الوزن بطريقة صحية وتلبية الاحتياجات الغذائية للجسم:

  • زيادة السعرات الحرارية تدريجيًا: تناول وجبات أصغر وأكثر تكرارًا على مدار اليوم، وإضافة أطعمة غنية بالسعرات الحرارية والعناصر الغذائية الصحية مثل المكسرات والبذور والأفوكادو والزيوت الصحية.
  • تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية: التركيز على البروتينات والكربوهيدرات المعقدة والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن.
  • ممارسة تمارين القوة: لبناء كتلة العضلات.
  • معالجة أي حالات طبية أساسية: إذا كانت النحافة ناتجة عن مرض معين.
  • الحصول على استشارة غذائية: يمكن لأخصائي التغذية تقديم خطة غذائية مخصصة.
  • الدعم النفسي: في حالات الاضطرابات النفسية المرتبطة بالنحافة.

الخلاصة:

تُعد السمنة والنحافة حالتين صحيتين تتطلبان اهتمامًا جادًا. فكلتاهما تشيران إلى خلل في التوازن الصحي ويمكن أن تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة. فهم الأسباب الكامنة وراء هاتين الحالتين واتخاذ خطوات استباقية نحو تبني نمط حياة صحي ومتوازن، بما في ذلك نظام غذائي متوازن وممارسة النشاط البدني بانتظام، أمر ضروري للحفاظ على صحة جيدة والوقاية من المشاكل الصحية المرتبطة بالوزن. من المهم استشارة الأطباء وأخصائيي التغذية للحصول على التقييم والتوجيه المناسبين في التعامل مع أي من هاتين الحالتين.

زر الذهاب إلى الأعلى