الطب المخبري

يُعَدّ الطبّ المخبري أحد أعمدة الرعاية الصحية الحديثة، إذ يوفّر الدليل العلمي الدقيق لتشخيص الأمراض، متابعة العلاج، والوقاية من المضاعفات. تشير إحصاءات منظّمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 70% من القرارات الطبية اليوم تستند إلى نتائج التحاليل المخبرية. من تحليل دم بسيط إلى تقنيات الجينوم المتقدمة، يشكّل هذا التخصّص الجسر بين العلوم الأساسية والممارسة الإكلينيكية.


تعريف الطب المخبري ونطاقه

الطب المخبري هو فرع من العلوم الطبية يهتم بدراسة عينات الجسم البشري—كالدم، والبول، والأنسجة—بغية الحصول على بيانات موضوعية تساعد الأطباء على تشخيص الأمراض أو استبعادها.

يشمل النطاق مجالات فرعية مثل: الكيمياء السريرية، أمراض الدم، الأحياء الدقيقة الطبية، المناعة، وعلم الأمراض الجزيئي.


لمحة تاريخية

بدأت ملامح الطب المخبري منذ العصور القديمة عندما فحص الأطباء لون البول ورائحته.


التخصّصات الرئيسية

1. الكيمياء السريرية

تعنى بقياس تركيز المواد الكيميائية في سوائل الجسم مثل الجلوكوز، الكولسترول، والهرمونات.

2. أمراض الدم (Hematology)

يركّز على دراسة مكوّنات الدم وتشخيص أمراض مثل فقر الدم، اضطرابات التخثّر، وسرطانات الدم.

3. الأحياء الدقيقة الطبية

يُعنى بالكشف عن البكتيريا، الفيروسات، الفطريات والطفيليات.

4. علم المناعة

يركز على دراسة الجهاز المناعي وتشخيص أمراض المناعة الذاتية والحساسية.

5. علم الأمراض الجزيئي

يستند إلى تحليل الحمض النووي (DNA) والحمض النووي الريبي (RNA) لاكتشاف طفرات جينية ممرضة.


التكنولوجيا والأدوات

  1. المجهر الضوئي والإلكتروني: يسمحان برؤية البنى الخلوية والفيروسات.
  2. أجهزة التحاليل الآلية: تقدّم نتائج سريعة مع دقة عالية.
  3. تقنية PCR: تضخيم المادة الوراثية للكشف عن مسببات الأمراض حتى بوجود كميات ضئيلة.
  4. التحليل الطيفي والكروماتوغرافي: لقياس المركبات الكيميائية المعقدة.
  5. الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة: لتحليل كميات هائلة من النتائج وربطها بالسجلات الصحية.

دور الطب المخبري في التشخيص والعلاج


معايير الجودة والأخلاقيات

ضمان الجودة

الجوانب الأخلاقية


التحديات الراهنة

  1. نقص الكوادر المؤهلة في بعض المناطق النامية.
  2. تكاليف المعدات والتقنيات المتقدمة.
  3. الأمراض الناشئة التي تتطلّب تطوير اختبارات جديدة بسرعة.
  4. إدارة البيانات الضخمة وضمان أمنها.

آفاق المستقبل


خاتمة

يمثّل الطب المخبري حجر الزاوية في الرعاية الصحية الحديثة. فهو لا يقتصر على توفير نتائج فحوص، بل يشكّل منظومة متكاملة من العلم والتقنية والأخلاق تسهم في الوقاية والعلاج وتحسين نوعية الحياة. ومع التقدم المتسارع في علوم الجينوم والذكاء الاصطناعي، سيظل هذا التخصص في طليعة الابتكار الطبي لعقود قادمة.

Exit mobile version